فصل: قال نظام الدين النيسابوري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الفخر:

أما قوله تعالى: {وَلاَ تُسْئَلُ عَنْ أصحاب الجحيم} ففيه قراءتان:
الجمهور برفع التاء واللام على الخبر، وأما نافع فبالجزم وفتح التاء على النهي.
أما على القراءة الأولى ففي التأويل وجوه:
أحدها: أن مصيرهم إلى الجحيم فمعصيتهم لا تضرك ولست بمسئول عن ذلك وهو كقوله: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ وَعَلَيْنَا الحساب} [الرعد: 40]، وقوله: {عَلَيْهِ مَا حُمّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمّلْتُمْ} [النور: 54].
والثاني: أنك هاد وليس لك من الأمر شيء، فلا تأسف ولا تغتم لكفرهم ومصيرهم إلى العذاب ونظيره قوله: {فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حسرات} [فاطر: 8].
الثالث: لا تنظر إلى المطيع والعاصي في الوقت، فإن الحال قد يتغير فهو غيب فلا تسأل عنه، وفي الآية دلالة على أن أحدًا لا يسأل عن ذنب غيره ولا يؤاخذ بما اجترمه سواه سواء كان قريبًا أو كان بعيدًا.
أما القراءة الثانية ففيها وجهان، الأول: روي أنه قال: ليت شعري ما فعل أبواي؟ فنهي عن السؤال عن الكفرة وهذه الرواية بعيدة لأنه عليه الصلاة والسلام كان عالمًا بكفرهم، وكان عالمًا بأن الكافر معذب، فمع هذا العلم كيف يمكن أن يقول: ليت شعري ما فعل أبواي.
والثاني: معنى هذا النهي تعظيم ما وقع فيه الكفار من العذاب، كما إذا سألت عن إنسان واقع في بلية فيقال لك: لا تسأل عنه، ووجه التعظيم أن المسئول يجزع أن يجري على لسانه ما هو فيه لفظاعته فلا تسأله ولا تكلفه ما يضجره، أو أنت يا مستخبر لا تقدر على استماع خبره لإيحاشه السامع وإضجاره، فلا تسأل، والقراءة الأولى يعضدها قراءة أبي: {وما تسأل} وقراءة عبد الله: {ولن تسأل}. اهـ.

.قال القرطبي:

{وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الجحيم}.
قال مقاتل: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لو أنزل الله بأسه باليهود لآمنوا»؛ فأنزل الله تعالى: {وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الجحيم} برفع تسأل، وهي قراءة الجمهور، ويكون في موضع الحال بعطفه على {بَشِيرًا وَنَذِيرًا}.
والمعنى إنا أرسلناك بالحق بشيرًا ونذيرًا غير مسئول.
وقال سعيد الأخفش: ولا تَسألُ بفتح التاء وضم اللام؛ ويكون في موضع الحال عطفًا على {بَشِيرًا وَنَذِيرًا}.
والمعنى: إنا أرسلناك بالحق بشيرًا ونذيرًا غير سائل عنهم؛ لأن علم الله بكفرهم بعد إنذارهم يغني عن سؤاله عنهم.
هذا معنى غير سائل.
ومعنى غير مسئول لا يكون مؤاخذًا بكفر من كفر بعد التبشير والإنذار.
وقال ابن عباس ومحمد بن كعب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: «ليت شعري ما فعل أبواي» فنزلت هذه الآية؛ وهذا على قراءة من قرأ {ولا تسألْ} جزمًا على النّهي، وهي قراءة نافع وحده؛ وفيه وجهان:
أحدهما: أنه نهى عن السؤال عمن عصى وكفر من الأحياء؛ لأنه قد يتغيّر حاله فينتقل عن الكفر إلى الإيمان، وعن المعصية إلى الطاعة.
والثاني: وهو الأظهر، أنه نهى عن السؤال عمن مات على كفره ومعصيته، تعظيمًا لحاله وتغليظًا لشأنه، وهذا كما يقال: لا تسأل عن فلان! أي قد بلغ فوق ما تحسب.
وقرأ ابن مسعود {ولن تسأل}.
وقرأ أُبَيّ {وما تسأل}؛ ومعناهما موافق لقراءة الجمهور، نَفي أن يكون مسئولًا عنهم.
وقيل: إنما سأل أيّ أبويه أحدث موتًا؛ فنزلت.
وقد ذكرنا في كتاب التذكرة أن الله تعالى أحيا له أباه وأمّه وآمنَا به، وذكرنا قوله عليه السلام للرجل: «إن أبي وأباك في النار» وبيّنا ذلك، والحمد لله. اهـ.

.قال أبو حيان:

{ولا تسأل عن أصحاب الجحيم}: قراءة الجمهور: بضم التاء واللام.
وقرأ أبي: وما تسأل.
وقرأ ابن مسعود: ولن تسأل، وهذا كله خبر.
فالقراءة الأولى، وقراءة أبي يحتمل أن تكون الجملة مستأنفة، وهو الأظهر، ويحتمل أن تكون في موضع الحال.
وأما قراءة ابن مسعود فيتعين فيها الاستئناف، والمعنى على الاستئناف أنك لا تسأل عن الكفار ما لهم لم يؤمنوا، لأن ذلك ليس إليك، {إن عليك إلا البلاغ} {إنك لا تهدي من أحببت} {إنما أنت منذر} وفي ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم، وتخفيف ما كان يجده من عنادهم، فكأنه قيل: لست مسئولًا عنهم، فلا يحزنك كفرهم.
وفي ذلك دليل على أن أحدًا لا يسأل عن ذنب أحد، {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وأما الحال فعطف على ما قبلها من الحال، أي وغير مسئول عن الكفار ما لهم لا يؤمنون، فيكون قيدًا في الإرسال، بخلاف الاستئناف.
وقرأ نافع ويعقوب: ولا تسأل، بفتح التاء وجزم اللام، وذلك على النهي، وظاهره: أنه نهى حقيقة، نهى صلى الله عليه وسلم أن يسأل عن أحوال الكفار.
قال محمد بن كعب القرظي: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليت شعري ما فعل أبواي» فنزلت، واستبعد في المنتخب هذا، لأنه عالم بما آل إليه أمرهما.
وقد ذكر عياض أنهما أحييا له فأسلما.
وقد صح أن الله أذن له في زيارتهما، واستبعد أيضًا ذلك، لأن سياق الكلام يدل على أن ذلك عائد على اليهود والنصارى ومشركي العرب، الذين جحدوا نبوّته، وكفروا عنادًا، وأصروا على كفرهم.
وكذلك جاء بعده: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى} إلا إن كان ذلك على سبيل الانقطاع من الكلام الأول، ويكون من تلوين الخطاب وهو بعيد.
وقيل: يحتمل أن لا يكون نهيًا حقيقة، بل جاء ذلك على سبيل تعظيم ما وقع فيه أهل الكفر من العذاب، كما تقول: كيف حال فلان، إذا كان قد وقع في بلية، فيقال لك: لا تسأل عنه.
ووجه التعظيم: أن المستخبر يجزع أن يجري على لسانه ما ذلك الشخص فيه لفظاعته، فلا تسأله ولا تكلفه ما يضجره، أو أنت يا مستخبر لا تقدر على استماع خبره لإيحاشه السامع وإضجاره، فلا تسأل، فيكون معنى التعظيم: إما بالنسبة إلى المجيب، وإما بالنسبة إلى المجاب، ولا يراد بذلك حقيقة النهي. اهـ.

.قال السمرقندي:

{وَلاَ تُسْئَلُ عَنْ أصحاب الجحيم}؛ قرأ نافع {وَلاَ تُسْئَلُ} بنصب التاء وجزم اللام، والباقون بضم التاء واللام.
فمن قرأ بالرفع، فمعناه أنك إذا بلغت الرسالة، فإنك قد فعلت ما عليك، ولا تُسْأَلُ عن أصحاب الجحيم فيما فعلوا، وهذا كما قال في آية أخرى: {وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الذي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ وَعَلَيْنَا الحساب} [الرعد: 4] وأما ومن قرأ بالنصب، فهو على معنى النهي، أي لا تَسألْ عن أصحاب الجحيم أي عما فعلوا.
قال القاضي الخليل بن أحمد: أخبرنا الديلمي قال: أخبرنا أبو عبيد الله قال: حدثنا سفيان، عن موسى بن عبيدة الربذي، عن محمد بن كعب القرظي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْتَ شِعْرِي مَا فُعِلَ بأَبَوَيَّ» فنزلت هذه الآية: {إِنَّا أرسلناك بالحق بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْئَلُ عَنْ أصحاب الجحيم} الآية. اهـ.

.قال الزمخشري:

{ولا تَسْأَلْ} على النهي.
روي أنه قال: «ليت شعري ما فعل أبواي».
فنهى عن السؤال عن أحوال الكفرة والاهتمام بأعداء الله.
وقيل: معناه تعظيم ما وقع فيه الكفار من العذاب كما تقول: كيف فلان؟
سائلًا عن الواقع في بلية، فيقال لك: لا تسأل عنه.
ووجه التعظيم أن المستخبر يجزع أن يجري على لسانه ما هو فيه لفظاعته، فلا تسأله ولا تكلفه ما يضجره، وأنت يا مستخبر لا تقدر على استماع خبره لإيحاشه السامع وإضجاره، فلا تسأل، وتعضد القراءة الأولى قراءة عبد الله: {ولن تسأَل}، وقراءة أبيّ: {وما تسأل}. اهـ.

.قال البغوي:

قرأ نافع ويعقوب {وَلا تُسْأَلُ} على النهي قال عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: «ليت شعري ما فعل أبواي» فنزلت هذه الآية، وقيل: هو على معنى قولهم ولا تسأل عن شر فلان فإنه فوق ما تحسب وليس على النهي، وقرأ الآخرون {ولا تسأل} بالرفع على النفي بمعنى ولست بمسئول عنهم كما قال الله تعالى: {فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب} [الرعد: 40]، {عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} والجحيم معظم النار. اهـ.

.قال ابن عطية:

{ولا تسألْ} بالجزم على النهي، وفي ذلك معنيان: أحدهما لا تسأل على جهة التعظيم لحالهم من العذاب، كما تقول: فلان لا تسأل عنه، تعني أنه في نهاية تشهره من خير أو شر، والمعنى الثاني روي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليت شعري ما فعل أبواي» فنزلت {ولا تسأل}.
وحكى المهدوي رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليت شعري أي أبوي أحدث موتًا»، فنزلت.
قال القاضي أبو محمد: وهذا خطأ ممن رواه أو ظنه لأن أباه مات وهو في بطن أمه، وقيل وهو ابن شهر، وقيل ابن شهرين، وماتت أمه بعد ذلك بخمس سنين منصرفة به من المدينة من زيارة أخواله، فهذا مما لا يتوهم أنه خفي عليه صلى الله عليه وسلم، وقرأ باقي السبعة {ولا تُسألُ} بضم التاء واللام، وقرأ قوم {ولا تَسألُ} بفتح التاء وضم اللام، ويتجه في هاتين القراءتين معنيان: أحدهما الخبر أنه لا يسأل عنهم، أو لا يسأل هو عنهم، والآخر أن يراد معنى الحال كأنه قال: وغير مسئول أو غير سائل عنهم، عطفًا على قوله: {بشيرًا ونذيرًا}، وقرأ أبي كعب {وما تسأل} وقرأ ابن مسعود {ولن تسأل}، وهاتان القراءتان تؤيدان معنى القطع والاستئناف في غيرهما، و{الجحيم} إحدى طبقات النار. اهـ.

.قال الثعالبي:

وقرأ نافع وحده ولا تسأل، أي: لا تسأل عن شدَّة عذابهم؛ كما تقول: فلانٌ لا تَسْأَلْ عَنْه، تعني أنه في نهاية تشهره من خيْرٍ أو شرٍّ.
ت: وزاد في مختصر الطبرِّي، قال: وتحتمل هذه القراءة معنى آخر، وهو، واللَّه أعلم، أظهر، أي: ولا تسأل عنهم سؤالَ مكْتَرِثٍ بما أصابهم، أو بما هم عليه من الكُفْر الذي يوردهم الجحيمَ؛ نظيرَ قوله عز وجل: {فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حسرات} [فاطر: 8]، وأما ما روي عن محمَّد بن كعب القُرَظِيِّ ومن وافقه؛ من أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ، مَا فَعَلَ أَبَوَايَ؟ فنَزَلَتِ الآيةُ في ذلك، فهو بعيدٌ، ولا يتصل أيضًا بمعنى مَا قبله. انتهى.

.قال نظام الدين النيسابوري:

وأما قراءة النهي فيروى أنه قال: ليت شعري ما فعل أبواي فنهي عن السؤال عن أحوال الكفرة والاهتمام بأعداء الله. وفي هذه الرواية بُعْدٌ، لأن سياق الكلام ينبو عن ذلك، ولأنه صلى الله عليه وسلم مع علمه الإجمالي بحال الكفار، كيف يتمنى ذلك؟ والأقرب أن معناه تعظيم ما وقع فيه الكفار من المحن كما إذا سألت عمن وقع في بلية فيقال لك لا تسأل عنه، فكان المسئول يحرج أن يجري على لسانه ما هو فيه لفظاعته، أو يرى أنك لا تقدر على استماع خبره لأنه يورث الوحشة والضجر. اهـ.

.قال ابن كثير:

وقوله: {وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} قراءة أكثرهم {وَلا تُسْأَلُ} بضم التاء على الخبر. وفي قراءة أبي بن كعب: {وما تسأل} وفي قراءة ابن مسعود: {ولن تسأل عن أصحاب الجحيم} نقلهما ابن جرير، أي: لا نسألك عن كفر من كفر بك، {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرعد: 40] وكقوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمصَيْطِرٍ} الآية [الغاشية: 21، 22] وكقوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: 45] وأشباه ذلك من الآيات.
وقرأ آخرون {ولا تَسْأَلْ عن أصحاب الجحيم} بفتح التاء على النهي، أي: لا تسأل عن حالهم، كما قال عبد الرزاق: أخبرنا الثوري، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليت شعري ما فعل أبواي، ليت شعري ما فعل أبواي، ليت شعري ما فعل أبواي؟». فنزلت: {وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} فما ذكرهما حتى توفاه الله، عز وجل.
ورواه ابن جرير، عن أبي كُرَيب، عن وَكِيع، عن موسى بن عبيدة، وقد تكلموا فيه عن محمد بن كعب بمثله وقد حكاه القرطبي عن ابن عباس ومحمد بن كعب قال القرطبي: وهذا كما يقال لا تسأل عن فلان؛ أي: قد بلغ فوق ما تحسب، وقد ذكرنا في التذكرة أن الله أحيا له أبويه حتى آمنا، وأجبنا عن قوله: «إن أبي وأباك في النار».قلت: والحديث المروي في حياة أبويه عليه السلام ليس في شيء من الكتب الستة ولا غيرها، وإسناده ضعيف والله أعلم.
ثم قال ابن جرير وحدثني القاسم، حدثنا الحسين، حدثني حجاج، عن ابن جُرَيج، أخبرني داود بن أبي عاصم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: «أين أبواي؟». فنزلت: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}.
وهذا مرسل كالذي قبله. وقد رد ابن جرير هذا القول المروي عن محمد بن كعب القرظي وغيره في ذلك، لاستحالة الشك من الرسول صلى الله عليه وسلم في أمر أبويه. واختار القراءة الأولى. وهذا الذي سلكه هاهنا فيه نظر، لاحتمال أن هذا كان في حال استغفاره لأبويه قبل أن يعلم أمرهما، فلما علم ذلك تبرأ منهما، وأخبر عنهما أنهما من أهل النار كما ثبت ذلك في الصحيح ولهذا أشباه كثيرة ونظائر، ولا يلزم ما ذكر ابن جرير. والله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا موسى بن داود، حدثنا فُلَيح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، قال: لقيت عبد الله بن عَمْرو بن العاص، فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة. فقال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وحرزًا للأميين، وأنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، لا فظٍّ ولا غليظ ولا سَخَّاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله. فيفتح به أعينا عُمْيًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبا غُلْفًا.
انفرد بإخراجه البخاري، فرواه في البيوع عن محمد بن سنان، عن فُلَيح، به.
وقال: تابعه عبد العزيز بن أبي سلمة، عن هلال. وقال سعيد: عن هلال، عن عطاء، عن عبد الله بن سلام. ورواه في التفسير عن عبد الله، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن هلال، عن عطاء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، به. فذكر نحوه، فعبد الله هذا هو ابن صالح، كما صرح به في كتاب الأدب. وزعم أبو مسعود الدمشقي أنه عبد الله بن رجاء.
وقد رواه الحافظ أبو بكر بن مَرْدُويه في تفسير هذه الآية من البقرة، عن أحمد بن الحسن بن أيوب، عن محمد بن أحمد بن البراء، عن المعافَى بن سليمان، عن فليح، به. وزاد: قال عطاء: ثم لقيت كعب الأحبار، فسألته فما اختلفا في حرف، إلا أن كعبًا قال بلُغَتِهِ: أعينًا عمومى، وآذانًا صمومى، وقلوبًا غلوفًا. اهـ.